مدونة

توحيد النساء اللواتي يعملن على بناء السلام في اليمن في ظل انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19)

20/11/2020 توحيد النساء اللواتي يعملن على بناء السلام في اليمن في ظل انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19)

فاقمت جائحة كورونا من الأزمة الإنسانية في اليمن التي تعد في الأساس من أسوء الأزمات الإنسانية في العالم. تدخل اليمن في عامها السابع من صراعٍ دمّر اقتصاد البلد وبنيتها الصحّية. وبالرغم من ذلك، استمرّت النساء اللواتي يعملن على الدفاع عن حقوق الإنسان وبناء السلام في جهودهنّ لتحسين ظروف مجتمعاتهنّ. تشارك نورا من المنظمة الوطنية لتنمية المجتمع (NODS) وشروق من منظّمة طوّر مجتمعك (IYSO) تجاربهنّ ومشاهداتهنّ كنساء في اليمن، كما يتحدّثن عن الفائدة التي توفّرها دورة بناء السلام التشاركيّة عبر الوتساب لهنّ خلال الجائحة.

تقول نورا، المنسّقة الميدانية في منظمة NODS، أنّ "الوضع في تعز غير مستقر، هنالك فترات متقطّعة من السلام ولكنّه سلام ركيك. ومن شأن هكذا نوع من السلام، بالإضافة الى المعارك المستمرة حول المدينة، أن يزعزع أمن النساء. الحصار وتسكير الطرقات يعرقلان من قدرة النساء على الحركة وبالتالي من قدرتهنّ على الذهاب الى العمل أو المدرسة أو حتى من القيام بالأعمال المنزليّة بسبب حاجتهنّ لجمع الحطب والماء. يعاني الأطفال أيضا من عدم الاستقرار هذا، ممّا يؤثّر على فرصهمنّ الدراسيّة. يلتزم النساء والأطفال المنازل في أغلب الأحيان بسبب وجود قنّاصين لا يتردّدون عادة في قتلهم، ممّا يؤثر أيضا على صحتهمنّ النفسية".

تضيف شروق التي تعمل كمنسّقة تدريب في منظمة IYSO أنّ "الصراع زاد من نسبة العنف ضد النساء بشكل ملحوظ، ومن هامش اللامساواة بين الرجل والمرأة، كما زادت انعكاساته من العوائق التي تفرض على النساء خاصة من حيث حرية الحركة. فمنذ بدء الصراع، تزداد القيود على النساء والفتيات مع ازدراء الوضع الأمني".

منذ تصاعد الصراع في 2014، عملت الناشطات والمنظّمات التي تقودها نساء بشكل ريادي على تحسين شؤون وأوضاع المجتمعات في كافة أنحاء اليمن. عملت هذه النساء والمنظمات في مجالات متعدّدة مثل معالجة الأضرار التي لحقت بالطرقات والمشافي والمنازل بسبب العنف القائم، ونشر الوعي حول الممارسات الضارّة والعنيفة التي تمارس ضمن المجتمع وبالأخص تلك التي تمارس ضد النساء والفتيات، وتدريب متطوّعين ومتطوّعات لكي يكونوا أعضاء فاعلة ضمن مجتمعاتهم. تلعب النساء في اليمن دور أساسي في خلق التغيير ضمن مجتمعاتهنّ وفي قيادة المبادرات، خاصة عندما تتاح لهنّ الفرصة ويقدّم لهنّ الدعم من مجتمعاتهنّ للقيام بهذه المبادرات. ولكن منذ بدء الجائحة، تراجعت أدوار النساء اللواتي يعملن على بناء السلام بسبب انهماك المجتمعات في محاولة فهم انعكاسات الجائحة والتصدّي لها.  

جائحة كورونا (كوفيد-19) في اليمن:

تزايدت عدد الإصابات بفيروس كورونا في اليمن في حزيران من العام الحالي بشكل ملحوظ بالرغم من انخفاضها في بداية الجائحة. هنالك الآن أكثر من ألفي حالة* مسجلة في اليمن ولكنّه يصعب معرفة العدد الفعلي للحالات بسبب عدم توفّر الفحوصات بشكل كافي.

تقول شروق أنّه هنالك تفاوت جندري في ردود فعل أهالي تعز لانتشار الجائحة، وأنّ "النساء اللواتي يملكن محال تجارية قد اتّبعن الإرشادات الصحيّة الرسمية بشكل صارم، ولكنّ أصحاب المحال التجارية من الرجال لم يتّبعوا الإرشادات والتعاليم فيما يخص حظر التجوال والتباعد الاجتماعي بغض النظر عن خطر نقل الفيروس الى عوائلهم، بمن فيهم زوجاتهم. وبعد إغلاق المدارس، وقع عاتق مسؤولية العناية بالأطفال على الأمهات اللواتي غالبا ما اضطررن لترك أعمالهنّ من أجل البقاء في المنزل مع الأطفال".

تضيف نورا أنّ "المستشفيات لا تفصل بين المصابين بفيروس كورونا وبقية المرضى في قسم العناية المشددة بالرغم من وجود الكثير من الحالات الحرجة. لم أذهب الى المشفى عندما مرضت مثلا، لأنّ المستشفيات هنا تفتقر الى التجهيزات الأساسية من حيث العلاج وفحص الفيروس".

بسبب غياب الدعم والإرشاد من الجهات الحكوميّة المعنيّة، بدأت العديد من منظمات المجتمع المدني مشاريع تهدف للوقاية من فيروس كورونا عبر توزيع الأقنعة والمعقّمات وحتى عبر نشر معلومات إرشادية حول الفيروس. ولكنّ هكذا استجابات لم تأخذ احتياجات النساء اللواتي واجهن تحدّيات إضافية مثل ازدياد العنف المنزلي وتضاعف مسؤوليات الرعاية الغير مأجورة بعين الاعتبار.

"الكثير من المشاريع حول الوقاية من فيروس كورونا لم تأخذ النساء بعين الاعتبار، ولذا اضطررن النساء لحماية أنفسهنّ. ومع ارتفاع أسعار الأدوية والمياه والأكل، توفّيت الكثير من النساء بسبب عدم قدرتهنّ على شراء الأدوية اللازمة" تضيف نورا.

وتشير شروق "النساء أنفسهن غير قادرات على التفكير في احتياجاتهن الخاصة، وعندما نسألهن، يفكرن دائمًا في أسرهن ومجتمعاتهن".

دعم المجتمع المدني عن بعد:

بدأت منظمة Saferworld بجولة جديدة من دورة بناء السّلام التشاركية عبر الوتساب في أيّار من هذا العام، والّذي تم استخدامه لأوّل مرة في 2016 من أجل توحيد الناشطين والناشطات الّذيناللواتي يعملوان على بناء السلام.

خلال هذا العام، قامت المنظمة بتكييف الدورة لكي تلائم الظروف الراهنة من حيث انتشار فيروس كورونا المستجد وإجراءات حظر التجوال التي نتجت عنه، والتي حدّت من حركة الأشخاص وقدرتهمتّ على القيام بمشاريع بناء السلام ضمن مجتمعاتهمنّ. شاركت موظّفيات ثلاثة عشر منظمة في هذا التدريب، ومن ضمنهمنّ نورا وشروق.

تشرح شروق بأنها "كانت المرّة الأولى التي أشارك فيها بمثل هذا النوع من التدريب... وشعرت بالفضوليّة، أذكر بأنّ أوّل فكرة راودتني كانت حول التحديّات الناتجة عن هكذا تدريب يجري عبر الوتساب. ومن ثم فكّرت بالجوانب الإيجابية مثل الحديث مع عدة عاملين وعاملات في سبيل بناء السلام من مناطق مختلفة وذاتذوي تجارب مختلفة. أتاحت لنا طريقة تصميم التدريب بأن نبدأ بفهم الاختلافات فيما بيننا كمشاركين ومشاركات –وهو موضوع أساسي لسياق مجزأ مثل اليمن— ومن ثم بالتطرق للمواضيع التي تجمعنا مع بعضنا البعض".

يحتوي التدريب هذا، والذي يستمر لفترة شهر، على دورات حول كيفية تحليل الصراع وتخطيط المشاريع وميزانياتها كما يحتوي على عنصر حول النوع الاجتماعي لمساعدة الناشطين والناشطات لتضمين احتياجات النساء خلال برمجة مشاريعهمنّ.

تقول شروق أنّ "التمارين حول النوع الاجتماعي علّمتنا بأنّ الأعراف والتوقّعات الجندرية في محافظات معينة كانت باختلاف ما كنّا نظنّه. كامرأة، شعرت بالسعادة لأنّ الرجال من الأماكن التي تصوّر على أنها محافظة كانوا على عكس توقّعاتي، وأن النساء من هذه المناطق يحظين بدعم أكبر مما كنت أتوقّعه. تعلمنا الكثير عن بعضنا البعض".

تكمل شروق قائلة "هذا النوع من التدريب ملائم للظروف التي تستوجب التباعد الاجتماع"، وتلاحظ بأنّ الكثير من النساء ممّن عادة لا يتمكنّ من الحضور قد شاركن في التدريب. ترى شروق بأنّ "التدريبات عن بعد توفّر الفرصة لنساء لا يحصلن عادة على التدريبات بسبب إقامتهنّ في الضواحي والأرياف. ولكن التحدّيات لا تزال قائمة نظرا لضعف خدمة الانترنت وللأعمال المنزليّة التي تمنع الكثير من المشاركات من التركيز بشكل تام على الدورة".

صمّمنا التدريب هذا لتمكين شركائنا وشريكاتنا من نقل المعرفة لمجتمعاتهمنّ ولتشجيع النساء ليصبحن ناشطات في مجتمعاتهنّ ومن أجل توحيد الأشخاص عبر خطوط الصراع. بعد انتهاء التدريب، شاركت شروق المعلومات التي استخلصتها منه مع منظمات أخرى تعمل مع النساء، كما ساعدتهم في تصميم وتخطيط وموازنة مشاريع حول جائحة كورونا. ركّز أحد هذه المشاريع على دعم النساء ليصبحن مستقلّين مادّيا من خلال تدريبهنّ على الأعمال اليدوية. وبفضل إرشاد شروق لهذه المشاريع، حصلت العديد منها على التمويل وتمكّنت هذه المشاريع من التأثير على حياة عدة نساء ذات دخل محدود في تعز.

تضيف نورا أنّها "ترى فرصة استخدام المعرفة من هذه التدريبات في عملها" وأنّ "ما تعلّمته ساعدني في إقناع المزيد من النساء على العمل في قضايا مجتمعاتهنّ. سوف يوفّر هذا التدريب القوّة المعرفيّة التي تحتاجها النساء في المناطق الريفية".

لا توفّر التدريبات عن بعد المعرفة والمهارات للنساء في اليمن فحسب، بل توفّر أيضا مساحة للتفاعل والدعم المتبادل، ممّا يسهم في تحسين صحتهنّ النفسيّة. تختم نورا قائلة أنّ "التدريب سمح لي بمشاركة قصّتي". وبما أنّ جائحة كورونا لا تزال تؤثر على المجتمعات في كافة أنحاء العالم، سوف تبقى مثل هذه المنافذ أساسيّة في مسار الخلاص والتعافي والسلام في اليمن.

 * https://www.who.int/countries/yem/